الجزء الثاني

الحب فى أى مكان

لماذا يحرص العشاق على أن يذهبوا

إلى الحدائق ، والمتنزهات ، وشواطئ الأنهار ؟

هل يريدون أن يجعلوا الحب جزءاً من الطبيعة ؟

وهل يعنى هذا

أن الحب لا ينمو فى الصحراء

أو أنه لا يزدهر فى الأزقة ،

والأحياء والشعبية ؟

الواقع . . أن الحب يحوّل كل مكان يوجد فيه . .

إلى بستان !

 

 تكرار المغامرة

سألته بعد أن خرج للتو

من تجربة حب مريرة . .

- هل تقبل أن تعاود المغامرة مرة أخرى ؟

أجاب مسرعاً :

- بكل تأكيد . .

   إن ما ذقته من حلاوة البداية ،

   وسعادة أيام التجربة ولياليها . .

   أروع بكثير من لحظة التعاسة الأخيرة !

الحب والمشابهة

يقولون :

- إن الإنسان لا يحب شخصاً

   إلا إذا كانت بينهما مشابهة

لذلك غضب بقراط جداً

عندما علم أن أحد الأراذل يحبه . .

يومها قال :

- لابد أن فى أخلاقى جانباً يشبهه !

 

الحب يهذب السلوك

الحب يهذب سلوك الشباب .

كنت أعرف زملاء لى

لا يهتمون بأناقتهم ،

ولا يراعون أثر كلامهم على الآخرين ،

ويتصرفون بغوغائية . .

حتى أحبوا

فتغير حالهم تماماً . .

صاروا أكثر صمتاً ووقاراً

وتحسّن هندامهم كثيراً . .

وأصبحوا يقدمون غيرهم عليهم فى الحديث ،

ولا يضحكون . . إلا ابتساماً !

 

من أروع قصص الحب والوفاء

على أرض مصر

وفوق ضفاف نيلها

نشأت أولى وأروع قصص الحب والوفاء

قصة إيزيس وأوزوريس

إيزيس زوجة محبّة . .

يفجؤها قتل زوجها ظلماً ، وتقطيع جثته أشلاءً ،

ثم إلقاؤها على طول النيل فى مصر . .

عندئذ تقرر – مسلحة بعزيمتها ،

وإصرارها ، وبحبها الكبير لزوجها –

أن تجمّع تلك الأشلاء ،

وعندما يتم لها ذلك

تعجب الآلهة بإخلاصها

فتساعدها على بعث الحياة

فى جثة زوجها !

وهكذا تعود للزوجين من جديد . . حياة سعيدة

 

مأساة يوسف عليه السلام

وفوق أرض مصر أيضاً

جرت وقائع المأساة الثانية ليوسف ، عليه السلام .

فبعد مأساته الأولى مع  إخوته فى فلسطين . .

الذين حسدوه ، فأبعدوه عن أبيه ، وحاولوا قتله . .

شغف جماله امرأة العزيز ،

فهامت به حباً . .

وعندما رفض أن يستجيب لشهوتها . .

تسببت فى وضعه بالسجن . .

وبين جدرانه . .

تحمل الكثير من الألم ، والجوع ،

والليالى السوداء . .

لكنه ظل حريصاً على طهارته

متمسكاً بخشيته لله . .

الذى فرّج – أخيراً – كربته ،

وجعله وزيراً على مالية مصر !

 

الجمال والسعادة

ليس من الضرورى

أن يكون جمال الفتاة مرتبطاً بسعادتها !

كانت لنا زميلة فى الجامعة . .

غاية فى الحسن ،

غاية فى الذكاء والحيوية . .

وكان الجميع يتمنْونها . .

حتى أن بعض الأساتذة حاولوا الزواج منها . .

لكنها رفضت ،

وكانت تنظر لأبعد مما كنا نتوقع . .

. .

بعد زمن طويل ، قابلتها

كانت حزينة ، وبائسة ، ومنكسرة . .

وانطفأ البريق الذى كان يتألق فى عينيها

وقبل أن أسألها ، بادرتنى قائلة :

- لقد توفى زوجى بعد عام واحد من الزواج

وترك لى ابناً ، نذرتُ كل حياتى لتربيته !

 

عمر الحب

سألت الشيخ العاشق

- لماذا يطول عمر الحب ، ويقصر ؟

فأجاب :

- الحب لا يطول ولا يقصر

   الحب عمره واحد

   لكننا نحن الذين لا نتحمل تبعاته !

   بعضنا قد يتحمله شهراً ، أو عاماً ،

   أو عدة أعوام . .

   وبعضنا الآخر قد يتحمله طوال العمر ،

   بل ويحمله معه إلى القبر !

 

انتظار من لا نحب

مما يحزننى جداً

أن تظل الفتاة منتظرة مجئ الشخص ، الذى تحبه

وبعد أن تمر السنوات ،

ويكثر عتاب الأهل ،

وتقسو نظرة المجتمع ،

تضطر إلى قبول الزواج . .

من شخص ، لا تحبه !

 

الحب نصف الاعتقاد

يقول فيكتور هيجو

- الحب نصف الاعتقاد !

Aimer, c’est la moitié de croire

وهو الذى قال أيضاً :

- نصف صديق يساوى نصف خائن !

 

من الحب وإليه

قال الشاعر :

ولمـا أبـى إلا جماحاً فـؤاده

ولـم يَسْلُ عن ليلى بمال ولا أهلِ

تسلّى بأخرى غيرها ، فإذا التى

تسلّى بها تُغرى بليلى ، ولا تُسلى

وقال آخر :

وكنتَ وعدتنى يـا قلبُ أنّى

إذا مـا تبتُ عـن ليلى تتـوبُ

وهـا أنا تائب عن حب ليلى

فمـا لك كلمـا ذُكرتْ تذوبُ !

 

قائمة المعجبين

يقال إن المرأة لا تنسى أبداً

كلّ من تقدموا إليها ، حتى ولو رفضتهم . .

إنهم يمثلون بالنسبة إليها

قائمة المعجبين ، الذين وقّعوا على شهادة جمالها

وكلما كانت القائمة طويلة . .

كان رضاها عن نفسها أكبر

وأعطاها هذا إحساساً بالزهو . .

الذى يجعلها – من وقت لآخر –

تتباهى به على زوجها !

 

الخداع بالكلمات

من الصعب جداً على النساء

أن تخدعن رجلاً عاقلاً بمعسول الكلام

لكن تكفى كلمة واحدة من رجل . .

لخداع امرأة عاقلة !

 

النساء كالورود . .

سألت شيخنا العاشق :

- ما الذى يجعل المرأة تسعد جداً

   عندما يقال لها : إنك جميلة ؟

أجابنى :

- إنها تحس حينئذ أنها مطلوبة ،

  ومرغوبة

  لأن النساء بدون سماع هذه الكلمة ،

  يصبحن كالورود التى تجف على عيدانها . .

  وما أقسى على الوردة . . أن تسقط على الأرض ،

  قبل أن يقطفها أحد !

حب فى الحلم

حكى ابن حزم ، قال :

دخلت يوماً على عمار بن زياد ، صاحبنا ،

فوجدته مفكراً مهتماً ،

فسألته عما به ، فتمنع ساعة ، ثم قال :

- لى أعجوبة ، ما سُمعتْ قط ! !

قلت :

- وما ذاك ؟

قال :

- رأيت فى نومى الليلة جارية ،

   فاستيقظت وقد ذهب قلبى فيها ، وهمْتُ بها !

   وإنى لفى أصعب حال من حبها ! !

ولقد بقى أياماً كثيرة تزيد على الشهر مغموماً

مهموماً ، لا يهنيه شئ وجدا ،

إلى أن عذلته ، وقلت له :

- من الخطأ العظيم أن تشغل نفسك بغير حقيقة ،

وتعلق وهمك بمعدوم لا  يوجد . هل تعلم مَنْ هى ؟

قال :

- لا والله .

قلت :

- إنك قليل الرأى ، مصاب البصيرة ، إذ تحب مَنْ لم

تره قط ، ولا خُلق ، ولا هو فى الدنيا ،

ولو عشقت صورة من صور الحمّام لكنت عندى    أعذر . .

فما زلت به ، حتى سلا ، وما كاد ! !

 

المرأة . . فى حضور الرجل

يقول ابن حزم فى " طوق الحمامة " :

- وشئ أصفه لك عياناً

وهو أنى ما رأيت قط امرأة فى مكان تحسّ أن رجلاً يراها ، أو يسمع حسها ،

إلا وأحدثت حركة فاضلة ( زائدة ) كانت عنها بمعزل،

وأتت بكلام زائد كانت عنه فى غنية ،

مخالفيْن لكلامها وحركتها قبل ذلك

ورأيت التهمم لمخارج لفظها ، وهيئة تقلبها . .  لائحاً فيها ، ظاهراً عليها ، لا خفاء به

والرجال كذلك إذا أحسّوا بالنساء

وأما إظهار الزينة ، وترتيب المشى ،

وإيقاع المزاح عند خطور المرأة بالرجل ،

واجتياز الرجل بالمرأة ،

فهذا أشهر من الشمس فى كل مكان .

 

العاشق والفريسة

قال شيخنا العاشق

-  يظل الرجل يبحث عن المرأة ، حتى تمسك به !

وقد وجدت هذا قريباً من قول ألفونس كار

- إن الحب صيد ،

   يتحول فيه الصياد إلى مطارَد . . بالفريسة !

 

كلمات فى الحب

 

قال المفكر الفرنسى الكبير مونتانى

على عكس كل مَنْ هاجموا الحب :

- إنه حركة متيقظة ، مليئة بالحيوية ، والنشوة . .

   وهو لا يضر إلا المجانين

وقال من تجربته الخاصة :

- لقد أراحنى الحب كثيراً . .

  وانتزعنى من الألم الذى سببّته لى الصداقة !

أما ديكارت فكان أكثر تحفظاً ، حين قال :

- الحب أفضل من الكراهية ،

   إنه يساعدنا على الكمال !

ومن أقوال أحد كبار العشاق :

- إننا نلتقى بالحب ، الذى يضع قلوبنا فى النار . .

   ثم نلتقى بالموت ، الذى يضعها فى الرماد !

وقال ستاندال :

- الحب هو بداية المعاناة ،

   أو هو بوابة الألم

أما لافونتين ، فقد كانت صرخته :

- أيها الحب ، عندما تمسك بنا ،

   فإننا نقول : وداعاً للحذرْ ! !

ويلفت نظرى قول أحدهم :

- إننا عندما نحب ،

   نتوقف عن المقارنة !  

وكذلك :

- أن أول تنهيده فى الحب

   هى آخر نَفس . . فى الحكمة !

 

الحب قبل أو بعد . .

سألت شيخنا العاشق :

- الحب قبل الزواج ،

   أم الحب بعد الزواج . . ؟

أجابنى :

- ليس المهم " قبل وبعد . . " ،

   المهم أساساً أن يأتى الحب

هناك مثل أمريكى يقول :

حيث يوجد زواج بدون حب

يوجد حب بدون زواج ! !

ويقول الألمان :

- إن الحب أعمى . .

   لكن الزواج هو الذى يرد عليه البصر

 

نظرية بروست

للكاتب الفرنسى مارسيل بروست

نظرية قاسية فى الحب ،

لكن فيها الكثير من الحقيقة

فهو يرى أن الحب كجذوة النار

التى تنمو ، وتتوهج ، ثم ما تلبث أن تخبو وتنطفئ

بسبب ما يلفّها من برودة الملل . .

ومن أجل الإبقاء عليها مشتغلة ،

يسعى العشاق لتزويدها بالغيرة

التى ما تلبث – هى الأخرى – أن تخبو وتنطفئ . .

والخلاصة أن الأمر كله محكوم بالفشل

ولا جدوى من أى محاولة للإنقاذ !

 

ندم الغيور القاتل

كان لشاعر حِمْص ، ديك الجن ، جاريه يهواها ، اسمها دنيا ، فاتهمها فى غلام ، وقتلها . . ثم ندم على ذلك، وقال يتفجع عليها :

 

يـا طلعة طلع الحِمـام عليهـا

وجنى لها ثمرَ الردى بيديْهـا

روّيتُ من دمها الثرى ولطالمـا

روّى الهوى شفتىّ من شفتيْها

مكّنتُ سيفى من مجال وشاحهـا

ومدامعى تجرى على خديْهـا

فوحق نعليْها وما وطئ الحصـى

شئ أعزّ علىّ مـن نعليهـا

مـا كان قتليها لأنـى لـم أكـن

أبكى إذا سقط الغبار عليهـا

لكن بخلتُ على الأنـام بحسنهـا

وأنفتُ مـن نظر العيون إليها

 

قالوا عن الحب

 

قال اللورد بايرون

- الإنسان الذى يحب . .

   إنما يحب نفسه ، من خلال حبه للآخر !

وقال أناتول فرانس :

- الناس يتحابون . .

   عندما لا يعرفون بعضهم بعضاً جيداً

وقال جوستاف لوبون

- الحب يخشى الشك ، ويتربى فيه

   لكنه يفسد غالباً باليقين

وقال مارسيل بروست :

- إننا لا نحب

   إلا من لا نمتلكه !

 

حب الرجل والمرأة

الرجل يبدأ بحب الحب ، وينتهى بحب امرأة

أما المرأة فتبدأ بحب رجل ، وتنتهى بحب الحب

ولعل هذا يفسر ما قيل

من أن الحب هو تاريخ حياة المرأة ،

بينما هو مجرد فصل واحد . . من حياة الرجل .

 

نهاية القصة . .

جاءت إلى الموعد فى أبهى زينة ،

لكنها ظلت ساهمة !

وعندما سألها عدة مرات عن السبب ،

أطلقت قنبلتها :

- تقدّم إلىّ عريس !

لم يستطع أن يرد ، فأضافت :

- وأهلى موافقون !

ظل صامتاً ، فقالت :

- وهو على عجلة من أمره ،

   يريد أن نتزوج فوراً ، ونسافر . .

تأمّل عينيها لكى يرى دموعاً ، فلم يجد . .

أحسّ أن القصة قد انتهت ،

وأن عليه أن يدعو الجرسون ،

ليدفع له ثمن العصير . .

الذى لم يشربه !

 

فرط المحبة

قيل لأعرابى

- ما بلغ من حبك لفلانة ؟

قال :

- إنى لأذكرها ،

   وبينى وبينها عقبة الطائف ،

   فأجد من ذكرها رائحة المسك !

عبدالله بن عجلان النهدى

أحد العشاق المشهورين ،

تزوجت عشيقته ،

فرأى أثر كفها على ثوب زوجها ،

فمات كمداً ! !

 

السقوط فى العشق

قال فيكتور هيجو :

- ليس أمراً صعباً

   أن يصبح الإنسان عاشقاً

   إنما الخطير أن يسقط فى العشق . .

   لأن مصير الإنسان

   يتحطم دائماً من هذا السقوط !
 

الحب الحقيقى

الحب الحقيقى

  هو ألا توجد بدونى

  ولا أوجد بدونك ! !

 

رسائل الحب

يقول مثل ألمانى :

- الذى يكتب رسائل الحب ،

  لابد أن تكون له يد رقيقة !

وقيل

- إن أجمل رسائل الحب التى ترغب المرأة فى استقبالها

  هى التى لم تكتب بعدُ . .

وقيل :

- أجمل رسائل الحب على الإطلاق

  هى التى ترسلها العيون !

 

ندوة عن الحب

فى إحدى ليالى الصيف ،

عقد شيخنا العاشق ندوة

لبحث حقيقة الحب ،

وكعادته . . تركنا نتحدث :

قال واحد :

- إنه محاولة لامتلاك الآخر

وقال ثان :

- بل هو الغريزة الجنسية تبحث لنفسها . .        عن متنفّس !

وقال ثالث :

- إننا فى الحقيقة نحب أنفسنا من خلال حب الآخر

وقال رابع :

- إنه الميل الفطرى للجمال . . أو ما يراه الإنسان كذلك

وقال خامس :

- إنه شوق الروح العطشى للنبع الذى يرويها !

وقال سادس ، وسابع ، وثامن . .

أخيراً نظر الشيخ إلينا ، وقال :

- كل منكم على قدر من الصواب ،

   ولكن الحب . . أبعد مما ذكرتم جميعاً !

 

تفسير الحب

يعتبر ستاندال من أشهر من حاولوا تفسير نشأة الحب ، وهذه هى خطواته فى النفس :

1- الإعجاب

2- اللذة من تبادل النظرات والقبلات . .

3- الأمل فى أقصى قدر من المتعة . .

4- الحب يولد من الرؤية ، اللمس ، الإحساس بالحواس كلها . . الشعور بأن من نحبه يحبنا . .

5- ثم تبدأ مرحلة التبللر Cristallisation

وهى تعنى إضفاء صفات الكمال على المحبوب، حتى ولو لم تكن موجودة فيه !

والمثال الشهير على ذلك أن نلقى بغصن شجرة فى أعماق مناجم الملح بسالزبورج ، ثم نستخرجه بعد شهرين أو ثلاثة ، وسوف نجده    مغطى بالكريستال اللامع ، الذى يبهر العيون ؛ بحيث لا يمكننا أن نتعرف فيه على الغصن الأصلى !

نفس الشئ يحدث فى عقل العاشق ، الذى يقوم بعمل ضخم فى تكبير صورة الحبيب وتعظيم كمالاتها . يقول ستاندال : وهذا يأتى من الطبيعة التى تتحكم فى متعتنا ، وتدفع الدم فى المخ ، ومن الشعور بأن المتعة تزيد بزيادة كمالات الموضوع الذى نحبه ، ومن الفكرة التى هى أساساً : فكرتنا ! !

 

الأسئلة المحيّرة

تزوجتْ مرتين

لكنك عندما تراها ،

تشعر أنك أمام فتاة ،

لم تعرف رجلاً من قبل !

هل يرجع ذلك إلى جمالها الهادئ ؟

أم سذاجتها العفوية ؟

أم إلى قدرة شيطانية على التمثيل ؟

المهم . . أن جاذبيتها الحاضرة

لا تترك لك أى فرصة ،

لكى تجد الإجابة ،

على أىّ من تلك الأسئلة !

الحب الكامن

 

هناك نوع خطر جداً من الحب

يظل كامناً فى الأعماق

ولا يعلن عن نفسه إلا بكلمة تقدير ،

أو نظرة إعجاب . .

ولكنه عندما ينفجر ،

يندفع بطوفان من العواطف المكبوتة

فيحطم كل السدود ،

ويتجاوز كل الأسوار

عندئذ لا يجد العاشقان مفراً

من أن يتركا مصيرهما بين يديه . .

ليصنع بهما ما يشاء !

 

الحب النرجسى

 

يظل نرجس رمزاً

على حب الإنسان لذاته

تحكى الأسطورة أن الشاب الجميل

نظر إلى صورته فى نافورة

ومن شدة إعجابه بها . .

لم يستطع أن يحفظ توازنه ،

فسقط فى الماء

وتحول إلى زهرة ،

حملت اسمه حتى اليوم ..

كثيرون بيننا يعيشون على هذا الحب ،

الذى يبعدهم عن الناس ،

ويُلقى بهم عميقاً فى آبار الوحدة !

 

حبها وصداقتها

 

جاء إلى شيخنا العاشق ، يشكو بحزن عميق :

- عندما عرضتُ عليها حبى ،

   فضّلتْ أن نكون أصدقاء . .

   قال له :

- لا تحزن يا بنى ،

   فهذا هو الرفض المهذب

   لأن تقديم الصداقة لمن يريد الحب ،

   بمثابة تقديم الخبز . . لمن هو عطشان !

 

معاناة الحب !

 

سألت شيخنا العاشق :

- هل تعانى المرأة من الحب ،

   مثلما يعانى الرجل ؟

أجاب

- إن المرأة تعانى من الحب

   أكثر مما يعانى الرجل ،

   لكنها تعرف – أكثر منه –

   كيف تخفى ذلك !

 

هذا هو الحب

 

قال أحد المجرّبين :

- الحب يتلخص فى لحظتى الغزو والقطيعة . .

   وما بينهما ليس أكثر من مجرد حشو !

لكن شيخنا العاشق عقّب على ذلك قائلاً :

- إن هذا القول يتجاهل لذة المواعيد ،

   وخداع العذّال ، وكتابة الرسائل ،

   وليالى الوصال ، وأوقات الشوق ،

   وساعات الانتظار . .

   وهذا هو الحب !

 

المرأة والرجل

 

 

الرجل بدون المرأة لا يساوى شيئاً

إنها هى التى تشعره بالسعادة ،

لأنها قادرة على إنتاجها !

المرأة قد تبدو أقل ثقافة من الرجل !

لكنها تمتلك ذكاء فطرياً ،

يقفز بها مباشرة إلى النتائج ،

التى تفوق كل ثقافة الرجل

المرأة قد تبدو أضعف من الرجل

لكنها تمتلك قوة داخلية ،

تمكّنها من مساندة الرجل ،

فى لحظات ضعفه الكثيرة والمتنوعة .

المرأة قد يحبها الرجل ،

وقد يكرهها ،

لكنها فى الحالتين

لا تفارق خياله !

 

الحب شجرة

 

سئل حمّاد الراوية عن الحب ، ما هو ؟

فقال :

- الحب شجرة أصلها الفكر ،

   وعروقها الذكر ،

   وأغصانها السهر ،

   وأوراقها الأسقام ،

   وثمرتها المنيّه !

 

الحبيب الأول

 

 

وقال أبوتمام فى رسوخ الحب الأول :

نقّلْ فؤادك حيث شئت من الهوى

ما الحب إلا للحبيب  الأولِ

كم منزلٍ فى الأرض يألفه الفتى

وحنينـهُ أبـداً لأول منزلِ

 

 

غاية الحب

 

 

ومن أجمل ما قال ابن الرومى فيما يتخيّله العشاق كغاية للحب :

أعانقهـا ، والنفسُ بعدُ مشوقـة

إليهـا ، وهل بعد العنـاق تدانِ ؟

وألثم فاهـا ، كى تزول صبابتـى

فيشتدّ مـا عندى مـن الخفقـانِ

ولم يكُ مقدار الذى بى من الجوى

ليشفيـه مـا ترشـف الشفتـانِ

كأنّ فؤادى ليس يشفـى غليلَـه

سوى أن يرى الروحيْن يمتزجانِ

 

 

مصارع العشاق

 

 

 

من بين أهم كتب الحب فى الثقافة العربية : كتاب " مصارع العشاق "

الذى ألفه الشيخ أبومحمد جعفر بن أحمد بن الحسين،

السراج ، القارى ، البغدادى

وقد قسمه 22 جزءاً

وصدّر كل جزء بثلاثة أبيات من شعره ، أولها :

هذا كتاب مصـارع العشـاقِ

صرعتهمُ أيـدى نـوىً وفـراقِ

تصنيف مَنْ لدغ الفراقُ فؤاده

وتطلّب الراقـى ، فعـزّ الراقـى

فإذا تصفحه اللبيب رثـى لهم

أسرى الهوى أيسوا من الإطلاقِ

 

الحب عند فرويد

تبعاً لفرويد . .

تبدأ الحياة العاطفية منذ الطفولة الباكرة :

يرتبط الولد بأمه ، فيحبها ، ويكره أباه . .

وترتبط البنت بأبيها ، فتحبه ، وتكره أمها . .

ثم تأتى فترة المراهقة . .

فتتحول عواطف الولد من أمه . . إلى فتاة

وتتحول عواطف البنت من أبيها . . إلى شاب

وهذا التحول العاطفى

المحكوم بقانون الطبيعة والرغبة الجنسية ،

يمكن أن يتكرر بعد ذلك عدة مرات ،

طالما توافرت ظروف معينة لحدوثه ،

وهى دائماً ظروف غير طبيعية . .

أو مَرَضية !

 

الحب والقمر

أحوال الحب مثل منازل القمر

فهو قد يبدو هلالاً رفيعاً

فى ليالى الريح والضباب !

ويتحول إلى ثلث أو نصف دائرة

تخفيها السحب تارة ، وتظهرها أخرى

ثم يصبح بدراً مكتملاً . .

تراه العيون من كل موقع . .

وأخيراً . . يضمر ويتلاشى ،

دون أن يحسّ به أحد !

 

المرأة أقدر من الرجل

ذكر ابن حزم – وكان داهية فى معرفة أحوال النساء – أن المرأة أقدر من الرجل على المساعدة فى الحب ، والتواصى بكتمانه ،والتواطؤ على طيه إذا اطلعت عليه . .

يقول

- وما رأيت امرأة كشفت سر متحابيْن إلا وهىعند النساء ممقوتة مسترذلة !

   وإنه ليوجد عند العجائز فى هذا الشأن مالا يوجدعند الفتيات ، لأن الفتيات منهن ربما كشفن ما علمن على سبيل (الغيرة) وهذا لا يكونإلا فى الندرة .

 وأما العجائز فقد يئسن من أنفسهن ، فانصرف الإشفاق محضاً إلى غيرهن . . وإنك لترى المرأةالصالحة المسنّة ، المنقطعة الرجاء من الرجال ، وأحب  أعمالها إليها ، وأرجاها للقبول عندها :

سعيها فى تزويج يتيمة ، وإعارة ثيابها وحليها    لعروس فقيرة !

 

تراجع عاشق

منذ درستُ محيى الدين بن عربى فى مطلع حياتى

أصبحت من أشد المعجبين به  . .

لكننى . . لم أوافقه على شئ واحد

وهو أنه عندما كتب ديوانه الجميل جداً

" ترجمان الأشواق "

فى ابنة أحد شيوخه بمكة . .

عاد وشرحه شرحاً صوفياً ،

لكى يبعد الأذهان عن فهمه فهماً حسياً !

ومع ذلك فإننى أرجع فأقول :

لا ينبغى أن أحكم على الرجل بمقاييس عصرٍ ،

يبعد عنه حوالى ثمانمائة سنة !

 


 

الحب . . لله

كانت رابعة العدوية

من أوائل من أدخل مفهوم الحب

فى التجربة الصوفية

وهى التى أعلنت بصراحة :

أنها لا تحب الله خوفاً من عقابه ،

ولا طمعاً فى الجنّة

وإنما تحبه . . لذاته . .

سبحانه جل شأنه !

 

وترى الجبال . .

كان الحلاج من الصوفية ،

الذين يصرحون بمواجيدهم ،

فى ألفاظ خارجة عن المألوف !

وكان فى أثناء ذلك ، يصرخ ، ويتصايح ،

ثم يسقط صريعاً . .

وعندما سألوا شيخه الشبلى

عن سر تمسكه ، وعدم اتزان تلميذه الحلاج

أجابهم بالآية الكريمة :

"وترى الجبال تحسبها جامدة ،

وهى تمرّ مَرّ السحاب".

 

صفة المحب

فى لقاء بين الصوفية ، بموسم الحج ،

جرى الحديث عن الحب . .

وبعد أن تكلم كبار الشيوخ ،

قالوا للجنيد ، وكان أصغرهم سناً :

- هات ما عندك يا عراقى !

فأطرق رأسه ، ودمعت عيناه ، ثم قال :

- المحب عبد ذاهب عن نفسه ، متصل بذكر ربه ،

   قائم بأداء حقوقه ، ناظر إليه بقلبه ،

   أحرقت قلبَه أنوارُ هيبته ،

   وصفا شربه من كأس ودّه ،

   وتكشف له الجبار من أستار غيبه ،

   فإن تكلم فبالله ، وإن نطق فعن الله ،

   وإن تحرك فبأمر الله ، وإن سكن فمع الله ،

   فهو بالله ، ولله ، ومع لله :

فبكى الشيوخ ، وقالوا :

- ما على هذا مزيد

   جزاك الله خيراً . . يا تاج العارفين

 

سلطان العاشقين

أطلقوا على ابن الفارض

لقب " سلطان العاشقين "

وقد استحقه بجدارة

لأنه كتب ديواناً كاملاً

فى الحب الإلهى . .

وبه قصيدة تسمى " التائية الكبرى "

تبلغ أكثر من 630 بيتاً من الشعر . .

ومن مطالع قصائده الجميلة :

قلبى يحدثنى بأنك مُتلفى

روحى فداك ، عرفتَ أم لم تعرفِ !

 

الحب كالموت

يقول الإغريق :

- الحب قوى كالموت

والواقع أنه أشبه بصاعقة الكهرباء

ينفض الجسم نفضاً ، ويكاد يوقف نبض القلب .

إنه حين يتملك الإنسان ،

لا يدع له خياراً آخر ،

سوى أن يسير فى طريقه . .

حتى النهاية !

 

مَثَل فرنسى

يقول مَثَل فرنسى :

- إن  الرجل يحب عندما يريد ،

والمرأة تحب عندما تستطيع !

وليس هذا صحيحاً فى كل الأحوال

فالحب يفجأ الرجل والمرأة على السواء

ولا يتوقف على إرادة هذا ،

أو استطاعة تلك !

 

مواسم الحب

 

قال أحدهم :

- للحب مواسم أربعة :

   يولد فى أحضان اللامبالاة ،

   وينمو تحت رعاية الرغبة ،

   ويتماسك بالمجاملات ،

   ويموت مسموماً بالغيرة !

 

الحب فخ

اتفق الفيلسوفان نيتشه وشوبنهور

على أن الحب

عبارة عن فخ منصوب للإنسان

لكى يحافظ ، من خلاله ،

على بقاء الجنس البشرى !

 

النساء

يروى أن داود ، عليه السلام ، قال لابنه سليمان :

- يا بنى ، إن المرأة الصالحة مثل التاج

  على رأس الملك ، وأن مثل المرأة السوء

  كالحِمْل الثقيل على ظهر الشيخ الكبير !

قال المأمون :

- النساء شر كلهن

وشر ما فيهن قلة الاستغناء عنهن !

وقيل :

- الصبر عنهن أهون من الصبر عليهن !

وقال معاوية

- هن يغلبن الكرام ، ويغلبهن اللئام !

 

تزويج الابنة

- لا تزوج كريمتك إلا عاقلاً ،

   فإن أحبها أكرمها ،

   وإن أبغضها أنصفها .

وقيل أيضاً

- لا تزوج وليتك إلا من ذى دين ،

   فإن أحبها أحسن إليها ،

   وإن أبغضها لم يظلمها

وجد صبى مقموط فى بعض المساجد بأصفهان

ومعه صرة فيها مائة دينار

ورقعة مكتوب فيها :

هذا جزاء من لا يزوج ابنته !

 

أسرار الحب

قال العاملى فى كتابه " المخلاة " :

- وليس من المروءة والفتوة أن يخرج أحدكم

   سر حبيبته ، ويقول لبعض إخوانه :

   قد فعلت بفلانة ، وصنعت بفلانة ،

   ولهوت بفلانة بنت فلان . .

     فيفسد على نفسه عشرته ،

   ويبعث الناس على ذم خُلُقه ، وترك عشرته !

 

الذين يحبون الله

قال الحسن

- المؤمن حبيب ربه .

أحب ربه ، فأحبه ربه ،

وغضب لربه ، فغضب له ربه . .

فإياكم وأذى المؤمنين ،

فإن الله يؤذى من آذاهم

وقال فتح الموصلى :

- إيثار محبة الله تعالى على محبتك

من علامة حبك لله .

والمحب لله لا يحب - مع حب الله - للدنيا لذة ،

ولا يغفل عن ذكر الله - عز وجل – طرفة عين !

وقال يحيى بن معاذ :

- لو أحببت ربك ، ثم جوّعك وأعراك

   لكان يجب عليك أن تحتمله وتكتمه عن الخلق

   فقد يحتمل الحبيب لحبيبه الأذى ،

   وكيف وأنت تشكوه فى ما لم يصنعه بك ؟ !

 

الصبر و الشكر

 

نظرت امرأة عمران بن حطان يوماً فى المرآة ،

وكانت من أجمل النساء ، فأعجبها حسنها ،

ونظرت إلى عمران ، وكان قبيحاً ، فقالت :

- أبا شهاب ، هلم فانظر فى المرآة .

فجاء فنظر إلى نفسه ، وهو إلى جانبها كأنه قنفذ ،

ورأى وجهاً قبيحاً ، فقال :

- هذا أردتِ ؟ !

فقالت :

- إنى لأرجو أن أدخل الجنة ، أنا وأنت

قال

- بم ؟

قالت :

لأنك رزقت مثلى فشكرت ،

ورزقت مثلك فصبرت ،

والشاكر والصابر فى الجنة !

 

شروط المحبة

قال السَّرىّ السَّقَطى ،

من صوفية بغداد ،

فى القرن الثالث الهجرى = التاسع الميلادى :

- لا تصح المحبة بين اثنين

   حتى يقول أحدهما للآخر :

   " يا أنا " . .

 

الزواج عند الشعوب

المصريون القدماء :

- المرأة ترتبط أكثر بالسلسلة التى تحبها !

الإغريق على لسان المرأة :

- إننى أحب الرجل بدون مال ، ولا أحب المال بدون رجل .

الصينيون :

- أجمل العصافير هى التى فى القفص !

الهنود :

- المنزل ليس أحجاراً . . وإنما هو امرأة !

اليهود فى التلمود :

- اصعد درجة لتختار صديقك ، واهبط درجة لتختار زوجتك

الروس فى صفات الزوجة المثالية :

- وديعة كالحَمل، نشيطة كالنحلة، جميلة كعصفور الجنة،   مخلصة كالحمامة .

الإنجليز :

- إذا لم تستطع أن تكون نجماً فى السماء ،

   فحسبك أن تكون شمعة فى المنزل !

الألمان :

- من نعم الله ، أنه يعطى الرجل الزوجة ومعها  الصبر . .

الفرنسيون :

- من واجبات الزوجة . . أن تبدو دائماً سعيدة .

الأسبان :

- الرجل هو الذى يجعل من زوجته ملكة ،

   أو يجعل منها بائسة !

العرب :

- الزوجة الحقيقية هى فى نفس الوقت : أَمَة وسيدة.

الرومان :

- الخيمة بدون امرأة مثل الكمان بدون أوتار !

الألبان :

- اذهبى مع أمك حتى الشاطئ، ومع زوجك عبر المحيط!


 

الشاعر المتخفّى

 

كان عمارة واحداً من قدامى شعراء الفرس

وكان يكتب شعراً جذاباً ، يأسر القلوب ،

من أبياته :

 

- سأختفى يا حبيبى فى ثنايا غَزَلى . .

   لأطبع على شفتيك قبلة . .

   حين تقرأ غَزَلى !

 

تسامح !

 

أورد العاملى فى كتابه " المخلاة "

أن يحيى بن معاذ الرازى قال :

- لو أمرنى الله

أن أقسّم العذاب بين الخلق

ما قسمت للعاشقين عذاباً !

 

انعكاسات العشق

 

حكى الشاعر الفارسى عبدالرحمن جامى ، قال :

دار حوار حول العشق بين عاقليْن ،

قال أحدهما :

- خاصية العشق العناء ، والعاشق منه فى بلاء .

وقال الآخر

- اصمت . فأنت لم تر – ولا شك – وفاقاً بعد شقاق ،

   ولم تذق طعم وصال بعد فراق !

   لا يوجد فى الدنيا ألطف من أصفياء القلوب :

   العشاق !

   ولا يوجد فيها أشد حزناً وكدراً ممن يجنبون   

   أرواحهم العشق ، ولا يقفون فى صف العشاق !

ثم يضيف جامى :

- جمال قلب المرء انعكاس لجمال العشق ،

  إذ كيف يعشق الجمال من لا يعمر قلبه الجمال ؟ !

- إن يطلب الجاهل حجة وبرهاناً ، فيكفينى قولهم :

   شبيه الشئ منجذب إليه ،

   وإن الله جميل يحب الجمال !

 

ليلة زفاف الحبيبة . .

حين علم " قيس " بخبر زفاف " ليلى " إلى

" ورد الثقفى " ورحيلها معه ، قال :

 

كأن القلب ليلةَ قيل يُغدَى

بليلـى العامريـة أو يـراحُ

قطاة غرّها شَرَك ، فباتت

تجاذبـه ، وقد علق الجنـاحُ

فلا فى الليل نالت ما ترجّى

ولا فى الصبح كان لها براحُ

 

الحب والصداقة

- الصداقة دائماً مفيدة ،

   أما الحب فإنه – أحياناً – ضار !

- الصداقة تنتهى أحياناً بالحب ،

   لكن من النادر أن ينتهى الحب بالصداقة !

- الأصدقاء يشبهون الإخوة من الأب ،

   بينما العشاق يشبهون الإخوة من الأم !

- الحب والصداقة لا يجتمعان . .

   لابد أن يطرد أحدهما الآخر !

ومن أجمل ما قيل فى هذا المعنى :

- إن ستة فؤوس يمكن أن تجتمع معاً ،

   لكن ركبتيْن اثنتيْن تفترقان !

 

طريقتان لحدوث الحب

إما أن يحدث بالتدريج ، فينشأ بالاستلطاف ، ويتطور بالإعجاب ، ويقوى بالمعاملة ، ويشتد بالاهتمام ، ويشتعل بالغيرة ، ويتواصل بالفكر والتذكار، واللقاء والهجر ، والخصام والملاطفة . .

وإما أن يحدث فجأة ، ويسميه العرب (حب من أول نظرة) ويسميه الفرنسيون

حرفياً (ضربة صاعقة). وفيه يجد العاشق نفسه ملقىً على الأرض، يحاول أن

ينهض فلا يستطيع ، ويجهد لكى يتحرك فلا يقدر . . هنا لا توجد إجابة عن

( لماذا ؟ ) و( كيف ؟ ) وإنما يمكن أن يقال :

- شفى الله المسكين !

 أو : كان الله فى عونه !

 

المرض الخادع

فى ليلة ممطرة ،

ذهب إلى شيخنا العاشق يشكو إليه :

- لابد يا سيدى أننى مريض !

- ومم تشكو يا بنىّ ؟

- كلما أحببت فتاة ، واستجابت لى ،

   أجدنى زاهداً فيها . . بل إننى لا أكاد أطيقها !

- كم مرة حدث ذلك ؟

- ثلاث أو أربع مرات

- لا تخش شيئاً يا بنى

   فليس بك أى مرض

- وكيف عرفت ؟

- لأنك لم تقع بعدُ . . فى الحب !

 

الشعراء العذريون

 

الشاعر العذرى كان يرضى من حبيبته بالقليل ، وأحياناً بالقليل جداً ،

 بل إنه كان يرضى بالعدم !

 

يقول جميل بثينة :

وإنى لأرضى مـن بثينـة بالذى

لو ابصره الواشى لقرّتْ بلابلُهْ

بلا ، وبألا أستطيع ، وبالمنــى

وبالأمل المرجوّ ، قد خاب آملهْ

وبالنظرة العجلى ، وبالحوْل تنقضى

أواخــره لا نلتقـى وأوائلُـهْ

 

وكان يكفى قيس بن ذريح أن يعيش فى نفس العالم الذى توجد فيه حبيبته ،

يستنشق نفس الهواء، وتطلع عليها نفس الشمس ، وتظلهما سماء واحدة،

ونجوم . .

 

فإنك تكُ لبنى قـد أتى دون قربها

حجاب منيع مـا إليـه وصـولَ

فإن نسيـم الجـو يجمـع بيننـا

ونبصر قرن الشمس حين تزول

وأرواحنا بالليل فـى الحـى تلتقى

ونعلـم أنّـا بالنهــار نُقيــل

وتجمعنا الأرض القرار ، وفوقنـا

سماء نرى فيها النجـوم تجـول

 

ومن أجمل ما كتبه مجنون ليلى من الشعر يعترف فيه بأنه يحاول النوم – دون

أن تكون به إليه حاجة – لعله يرى طيف ليلى فى الحلم :

 

وإنى لأستغشى ، وما بىَ نَعْسة

لعل خيالاً منكِ يلقى خيالي

 

حب القلب الخالى

الحب الذى يدخل القلب الخالى

يكون أشد قوة ،

من الحب الذى يدخل قلباً سبق أن أحب . .

يقول شاعر رقيق اسمه ، ديك الجن :

أتانى هواها قبل أن أعرف الهوى

فصادف قلباً خالياً ، فتمكنّا !

وهذا ما جعل أبا تمام يعلن :

نقّلْ فؤادك حيث شئت من الهوى

مـا الحب إلا للحبيب الأوّلِ

 

غلط فى الحساب

سألتها التقبيل فى ثغرها                      عشراً ومـا قـد زاد باحتسابْ

فمنذ تعانقنـا وقبلتهـا                         غلطت فى العد وضاع الحسابْ

 

اتجاهات معاكسة

جُننّا بليلى ، وهى جُنّتْ بغيرنا

   وأخرى بنا مجنونة لا نريدها ! !

 

بَطَر زوجة

 

يحكى أنه كان فى بنى إسرائيل امرأة ذات جمال ،

وكان زوجها رجلاً فقيراً يعمل بالفأس

فكان إذا جاء الليل قدمت له طعامه ،

وفرشت له فراشه

فبلغ خبرها ملك ذلك الزمان

فأرسل لها عجوزاً تقول لها :

- ماذا تفعلين مع هذا الفقير ؟ لو كنت عند الملك

   لكساك الحرير ، وجعل فرشك الديباج ‍!

وحين جاء زوجها كالعادة ، لم تصنع له شيئاً ،

وتعاتبا ، فتشاجرا ، فطلقها . .

وعندما زفت إلى الملك . . نظر إليها فعمى ،

ومدّ يده إليها فجفت . .

حينئذٍ رفع نبى ذلك الزمان خبرهما إلى الله ، تعالى ، فأوحى إليه :

- أخبرهما أنى غير غافر لهما . .

أما عَلِما أن بعينىّ ما عملا بصاحب الفأس ! !

 

العاشق الحزين

 

كان من بين زملائنا فى الجامعة

زميل صامت أبداً ،

حزين دائماً . .

ولم يكن يقبل أن يقترب من صداقته أحد

وبعد أن تخرجنا بسنوات . . قابلته

رأيته أكثر انفتاحاً ،

فجلسنا فى مقهى نتحدث . .

حتى بدا لى أن أسأله :

- لماذا كنت حزيناً بهذا الشكل فى الجامعة ؟

- لأنى كنت أرى كلاً منكم ، يحب فتاة ،

   وأنا لم يكن لى واحدة !

عجيب . . لقد كانت أمامك الكثيرات ؟

- لأننى كنت أحب نفس الفتيات

   اللاتى كنتم تحبونهن !

 

العلامات الأولى للمحب

ورصد ابن حزم الأندلسى عدداً من علامات الحب الأولى ، منها :

- إدمان النظر ،

- الإسراع بالسير نحو مكان المحبوب ،

- تعمد القعود عنده ، والدنو منه ،

- الاستهانة بكل خطب جليل يدعو إلى مفارقته ،

- التباطؤ فى المشى عند القيام عنه ،

- روعة تبدو على المحب عند رؤية المحبوب ،وطلوعه فجأة ،

- اضطراب يبدو على المحب عند رؤية مَنْ يشبه محبوبه ، أو عند سماع اسمه فجأة ،

- وأن يجود المحب ببذل كل ما كان يقدر عليه مما كان ممتنعاً به من قبل.

 

سَكْرة الحب

- جاء فى مثنويات الشاعر الفارسى سنائى

   أن عاشقاً من بغداد

   أحب إلى حد الجنون امرأة من الكرْخ

   وكان يعبر لها النهر كل ليلة ،

   ويجلس معها دون أن يحس ببرودة الماء ،

   ولا بصقيع الطقس !

   حتى كانت ليلة أفاق فيها من جنونه ،

   وعندما نظر إلى وجهها سألها :

- ما بال هذا الخال الذى فى خدك ؟

فأجابته

- لقد ولدت به . . وأنت الذى لم تلاحظه من قبل ،

   لذلك فإننى أرى ألا تسبح فى النهر هذه الليلة .

لكنه لم يصغ إليها ،

وعندما نزل إلى الماء . . هلك من شدة البرد

لأنه كان قد أفاق من سَكْرة الحب !

 

شروط الحب

لخص ابن القيم " وجود " الحب بتوافر ثلاثة عناصر فى وقت واحد :

أولاً   شعور المحب الذى تتبعه الإرادة والميل .

ثانياً  الصفة أو الصفات الموجودة فى المحبوب كالجمال ، وحسن الخلق ، الخ .

ثالثاً الموافقة أو التناسب بين المحب والمحبوب .

لذلك فإذا كانت المحبة من الطرفين ، استراح بها كل واحد من المحبّين ، وسكّن ذلك بعض ما به ، وعدّه نوعاً من الوصال .

 

صرعى الحب الإلهى

حكى على بن سعيد العطار ، فى مصارع العشاق ، قال :

- مررت بثغر عبادان ، تحت البصرة ، بإنسان ، مكفوف مجذوم ، وإذا الزنبور يقع عليه فيقطع 

   لحمه ، فقلت لنفسى :

- الحمد لله الذى عافانى مما ابتلاه ،

   وفتح من عينى ما أغلق من عينه . .

فبينما أنا أردّد ذلك ، إذا به قد صُرع ، وبينما هو يتخبط ، نظرت إليه ، فإذا هو مقعد ، فقلت :

- مكفوف يصرع ، ومُقْعَد مجزوم ! !

فما أتممت كلامى ، حتى قال :

- يا مكلّف ، ما دخولك فيما بينى وبين ربى ،

   دعه يعمل بى ما شاء !

ثم توجه للسماء قائلاً :

- وعزتك وجلالك لو قطعتنى إرباً إرباً ،

   وصببت علىّ العذاب صباً ،

   ما ازددت لك إلا حباً ! !

 

من الحب الإلهى

من أجمل أشعار رابعة العدوية قولها :

أحبك حبين : حب الهـوى

وحبــا لأنـك أهـلٌ لذاكا

فأما الذى هـو حب الهـوى

فشغلـى بذكرك عمن سواكا

وأمـا الذى أنـت أهـل لـه

فكشْفك لى الحْجبَ حتى أراكا

فلا الحمد فى ذا ، ولا ذاك لى

ولكنْ لك الحمد فـى ذا وذاكا

 

الله يحب ولا يحب . .

 

ورد فى القرآن الكريم أن الله تعالى " يحب "       و " لا يحب "

فهو لا يحب الكفار ، والمفسدين ، والظالمين ،

والمختالين ، والمستكبرين ، والفرحين ،

 والمسرفين ، والمعتدين ، والخائنين . .

لكنه يحب المحسنين ، والمتقين ، والمقسطين ،

والصابرين ، والمتوكلين ، والمطهرين ،

والتوابين ، والذين يقاتلون فى سبيله

كأنهم بنيان مرصوص . .

وتوجد طرق كثيرة لكى يحظى الإنسان بحب الله ، منها :

- التقرب إليه ( تعالى ) بالنوافل ،

- اتّباع الرسول (ص) :  " قل إن كنتم تحبون الله ، فاتبعونى يحببكم الله "

 

الرسول (ص) والحب . .

وقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم :

- حُبّب إلى من دنياكم ثلاث :

   الطيب ،

   والنساء ،

   وجُعلتْ قرة عينى فى الصلاة  

وقال

- الدنيا متاع ،

   وخير متاع الدنيا الزوجة الصالحة !

 

الحب والإيمان

قال رسول الله ،

صلى الله عليه وسلم :

- ثلاثة من كنّ فيه

   وجد حلاوة الإيمان :

   أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما ،

   وأن يحب المرء : لا يحبه إلا لله ،

   وأن يكره أن يعود فى الكفر ،

   بعد أن أنقذه الله منه ،

   كما يكره أن يلقى فى النار !

 

إصرار مطلّقة

ورد فى البخارى ،

عن ابن عباس قال :

- كان زوج بَريرة عبداً ،

   يقال له مغيث ،

   كأنى أنظر إليه يطوف خلفها يبكى ،

   ودموعه تسيل على لحيته ! ( وكانا قد انفصلا)

فقال النبى ، صلى الله عليه وسلم ، لعباس :

- يا عباس ،

   ألا تعجب من حب مغيثٍ بَريرة
   ومن بغض بَريرة مغيثاً ؟ !

فقال النبى ، صلى الله عليه وسلم ( لها ) :

- لو راجعتيه !

قالت :

 يا رسول الله ، أتأمرنى ؟ 

قال :

- إنما أَشفع . .

قالت :

- فلا حاجة لى فيه !

 

الحل الأبسط

يروى عن على بن أبى طالب : 

- أننا عندما لا نجد ما نحب ،

   علينا أن نحب ما نجد !

كما يروى عنه أيضاً :

- أن المرأة تُقبل فى صورة شيطان ،

   وتُدبر فى صورة شيطان . .

   فإذا رأى أحدكم امرأة أعجبته ،

   فليأتِ أهله . .

   فإن ذلك يُذهب ما به !

 

بين أشرف زوجين

ورد فى البخارى أن عائشة ، رضى الله عنها ، قالت:

قال لى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم :

- إنى لأعلم إذا كنت عنى راضية ،

   وإذا كنتِ علىّ غضبى !

فقلت :

- من أين تعرف ذلك ؟

فقال :

- أما إذا كنتِ عنى راضية ،

   فإنك تقولين : لا ورب محمد !

   وإن كنت علىّ غضبى ،

   قلت : لا ورب إبراهيم !

قلت :

- أجل والله يا رسول الله ،

   ما أهجر إلا اسمك !

 

طبيعة النساء

قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم :

- استوصوا بالنساء خيراً ،

   فإنهن خلقن من ضلع ،

   وإن أعوج شئ فى الضلع أعلاه ،

   فإن ذهبت تقيمه كسرته ،

   وإن تركته لم يزل أعوج ،

   فاستوصوا بالنساء خيراً . .

                                صحيح البخارى

 

الحب . . ما هو ؟

فى لحظة ضعف وضباب ،

تكلم شيخنا العاشق ،

وكأنما يحدث نفسه :

- الحب . .

   لا أعرف ما هو ؟

   ولا كيف يحدث ؟

   ولا من أين يأتى ؟

   ولا إلى أى غاية ينتهى ؟

  (  نهاية الكتاب )